في خطوة غير مسبوقة حملت ما يسمى بـ "قائمة نواب الدولة" التابعة للحزب الاشتراكي اليوناني في انتخابات يوم امس 4 اكتوبر 2009 اسما عربيا هو الطبيب اليوناني سوداني الأصل علي ابراهيم الحاج، اخصائي القلب في المستشفى الحكومي بمدينة ريثمنو بجزيرة كريت جنوب اليونان.
ورغم انه من غير المتوقع ان يفوز بمقعد في البرلمان الا ان مجرد ترشيحه في هذه القائمة الخاصة تعد نقلة مهمة في المشهد السياسي اليوناني المتهم بعدم التسامح والانفتاح على اليونانيين من اصول اجنبية وخاصة المسلمين. وينظر الى الترشيح ضمن هذه القائمة غير العادية لدى الحزبين الكبيرين، باعتباره تشريف لا يفوز به الا ذوي الحظوة والمكانة. والواقع ان هذه الخطوة ليست جديدة في حد ذاتها فقد ظلت لسنوات، اداة تستخدمها الاحزاب اليسارية الصغيرة، كدلالة رمزية للدعوة الى القبول بالتعدد الثقافي والاثني. لكن الجديد هذه المرة هو ان يتبناها حزب سلطة بل والحزب الاوفر حظا في الفوز بالحكم.
ويقول سفير فلسطين السابق باليونان واحد قيادات الجالية الفلسطينية مسعود غندور ان المهم ليس الفوز بمقعد في البرلمان وانما التوجه الذي اخطته الحزب الاشتراكي. واعتبر ان الفكرة صحيحة ويجب دعمها والمضي بها للامام.
ويصف عبدالسلام الزغيبي الصحفي الليبي وصاحب مدونة "وطني" ترشيح علي، بأنه تقدير وتشريف من حزب كبير مثل باسوك لشخصية مهاجرة من دولة عربية افريقية. ولكن رئيس تحرير نشرة "تقرير اثينا الأسبوعي" وصحيفة الصفتان منصور شاشاتي يرى إنها خطوة لها دلالة رمزية إلا أنها لا تخرج في النهاية من إطار كون أنها فرقعة دعائية انتخابية عادة ما تستخدمها الاحزاب اليونانية لكسب اصوات اليونانيين من اصول اجنبية وخاصة العرب.
وقائمة نواب الدولة List of State Deputies نظام خاص في قانون الانتخابات اليوناني يسمح للاحزاب التي تنجح بدخول البرلمان بتقاسم 12 مقعدا من مجموع 300 مقعدا تمثل البرلمان اليوناني، من دون تصويت. وهذا يعني ان المنافسة الانتخابية تجري فعليا على 288 مقعدا. وبدأ العمل بهذا بهذا النظام بواسطة مؤسس النظام الديمقراطي الحالي الزعيم الراحل قسطنطين كرامنليس بعد عودة الديمقراطية عام 1973 بغرض ضمان مقاعد بدون تصويت لشخصيات غير حزبية ساهمت في المقاومة ضد نظام الجنرالات خلال حقبة الستينات من القرن الماضي، وتطعيم البرلمان بشخصيات علمية او وطنية مستقلة او شباب غير معروفين او شخصيات سياسية كبيرة لا ترغب في خوض الانتخابات مباشرة. وعادة ما يحصل الحزب الاول على المقاعد الاربعة او الخمسة الاوائل ثم توزع باقي المقاعد على باقي الاحزاب حسب نسبتها. ومع مرور السنين ورسوخ النظام الديمقراطي، اصبحت هذه "القائمة المضمونة" اقرب الى قائمة الصفوة والمحظيين والشخصيات ذات الاعتبار الخاص. وعادة ما تتسابق اجهزة الاعلام لمعرفة الاسماء التي ستحصل على هذا الشرف.
ويبدو ترشيح الحاج وكأنه تطور تدريجي، ودليل عملي على عزم الحزب الاشتراكي اليوناني (باسوك) على اتباع سياسة اكثر انفتاحا على المهاجرين، وذلك في رد واضح على سياسة التشدد القومي التي يتبناها اليمين، ويرفض بموجبها دمج الاجانب في المجتمع. وكان الحزب الاشتراكي قد سمح في انتخابات عام 2004 بترشيح يوناني من اصل فلسطيني في دائرة اثينا الاولى هو الدكتور كريم هلال. وجاءت هذه الخطوة بعد تغييرات في البنية التنظيمية داخل الحزب نشأت بموجبها دائرة حقوق الانسان والمهاجرين وعينت يونانية من اصول افريقية امريكية هي ايفيت جارفز نائبة لرئيسة الدائرة. واجري في نفس العام تعديل في النظام اللاساسي للحزب سمح بتخصيص اربعة مقاعد ليونانيين من اصول اجنبية في اللجنة المركزية للحزب. وفي الانتخابات البلدية الاخيرة (2006) رشح الحزب الاشتراكي فلسطيني آخر هو الدكتور موفق ودعمته بقوة القيادية البارزة، ورئيسة محافظتي اثينا وبيريه السابقة فوفي ينيماتاس، ابنة الزعيم الاشتراكي الراحل جورج ينيماتاس.
وفي الحملة الحالية تعهد زعيم الحزب الاشتراكي جورج باباندريو بمنح الجنسية اليونانية الى ابناء المهاجرين. وكانت حكومة المحافظين قد رفضت دعوات متكررة من منظمات حقوق الانسان بمنح اكثر من مائتي الف طفل ولدوا باليونان من ابوين غير يونانيين شهادة ميلاد. ويضطر عشرات الالوف من المهاجرين المقيمين باليونان الى اللجوء الى بلدانهم الاصلية للحصول على شهادات ميلاد لابنائهم فيما يشكل المهاجرون في اليونان 10% من مجموع سكان البلاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق