السبت، 7 مايو 2011

القذافي: رئيس دولة ام امير حرب؟

كان المفروض ان اكتب هذا الكلام امس مباشرة بعد خطاب القذافي، لكني ظللت كما لو خرج الواحد من الواقع وسافر الى المجهول احاول عبثا البحث عن اي شىء يقنعني ان ما سمعته غير صحيح، او انه لا يقصد ما كان يخرج منه من عبارات حادة كالنصال وخارقة كالرصاص. اقسم بالله لقد شعرت بالرعب وانا لست موجودا داخل ليبيا، ولكني شعرت بالقدر نفسه ان مقاومة هذا الرجل اصبحت فرض عين ليس فقط على كل ليبي بل على كل شخص في العالم يؤمن حقا بأبسط القيم الانسانية والقواعد والاعراف التي توافقت عليها البشرية بشأن كرامة وحقوق الانسان.
كثيرا ما وصف الناس (وبينهم رؤساء) القذافي بـ "المجنون" لغرابة تصرفاته، لكن خطاب الامس كان الجنون مجسدا. كنت فيما مضى اعتبر تصريحاته العجيبة الغريبة مجرد هذار وعبث لا يقصده حقا، لكن خطاب امس الثلاثاء جاء دليلا قاطعا على ان كل ما كنا نسمعه وعرفناه عنه كان جديا ومقصودا. اقول هذا لان يوم امس ليس ككل ايام السنين التي عرفناها عنه. انها ايام ثورة عارمة، لم يحدث لها مثيل لها منذ خروج الاستعمار الايطالي من البلاد. والثورات لا تحدث كل يوم ثم ان ابرز مطالبها على الاطلاق ان يرحل هو وابنائه عن السلطة، ومع ذلك فانه ماضي في الهرطقات (من نوع انه ليس رئيسا حتى يستقيل بل زعيم ثورة ابدي) دون ان يترحم على شهيد واحد.


كان الخطاب اشبه بالبلطجة منه الى الكلام الجاد المسؤول. وحمل من التهديد والوعيد ما لا يمكن ان يصدر عن مسؤول يعي وضعه ومسؤولياته تجاه شعب يحكمه. وتضمن اساءات وتحقير غير مسبوق لافراد الشعب بشكل لا يصدر من شخص عادي ناهيك عن رئيس دولة وزعيم بلد. ورغم كل هذا فان الواضح ان القذافي كان مهزوزا ومضطربا الى حد بعيد وربما بات يشعر لاول مرة انه بات معزولا ليس فقط من شعبه وانما من المحيط العربي والمجتمع الدولي ايضا. لقد بات وحيدا يقف وجها لوجه امام مصيره المحتوم.


ان الكرت الاخير المتبقي لدى القذافي الان طالما اعلن انه لن يتنحى عن السلطة هو ان يقود حربا اهلية بما تبقى له من كثير من السلاح وعدد مجهول من الاقارب والمعاونين والانصار والمرتزقة. وان حصل هذا فانما يعني انه اختار ان يتحول من رئيس دولة الى امير حرب. ولو حصل هذا فعلا فهذا يعني انه يحتاج الى اراقة انهار من الدماء وهو امر غير مستبعد في ظل التهور غير المحدود الذي عرف عنه وعبر عنه في خطابه الذي سيبقى رمزا لحد غير مألوف من الطغيان والتسلط. ويبدو ان هذا هو عين ما يتحسب له المطالبين باسقاطه ويتخوفون منه ولهذا ما تزال الاصوات الصادرة من المواطنين الليبيين تطالب المجتمع الدولي باتخاذ اجراءات محددة لحماية الشعب في مقدمتها منع القذافي من استخدام الطيران ووقف جلب المرتزقة الافارقة ضمن ما يسمى بالفيلق الافريقي احدى التكوينات العسكرية لنظام القذافي في اطار توجهه الافريقي في السنوات الاخيرة. ولكن هل سيتحرك المتجمع الدولي في الوقت المناسب؟ هذا امر مشكوك فيه الى حد بعيد، مثلما عودنا دائما ولذلك فان مصير العباد والبلاد سيكون رهينا بانحياز الجزء الاكبر من القوات المسلحة (ايا كان نوعها وعددها) الى جانب الشعب الاعزل.

اللهم انصر ابناء وبنات ليبيا والمجد للشهداء

ليست هناك تعليقات: