حتى اكون امينا لم اتوقع ان يعلن سيف الاسلام انهيار النظام ولكني كنت اتوقع انه سيعلن انحيازه للثورة وتبنيه مطالبها لانه ظل يرسم لنفسه طوال السنوات الماضية صورة قائد الاصلاح في البلاد وقد كنت اتمنى دائما ان ينجح في مساعيه رغم انه لم يكن يمثل اي شىء محدد داخل منظومة الحكم. وقد ظلت تراودني هذه الامنية من واقع عمره الصغير ودراسته الحديثة وانفتاحه على العالم. لكنه بالامس ظهر شخصا آخر تماما ولم يثبت سوى انه نسخة طبق الاصل من والده وعقلية لا تختلف في شىء من عقلية الاستبداد والاستعلاء.
امرين يمكن ان يقرأها الناظر لخطاب سيف الاسلام. الاول صفته الشخصية والثاني مضمون الخطاب
بالنسبة للامر الاول كان المنطقي ان يخرج رئيس البلاد نفسه خصوصا ويتحدث لشعبه خصوصا في امر جلل مثل الذي يجري في ليبيا. لكن خرج ابنه دون ان يوضح باي صفة كان يتحدث. ولذلك فان الامر الوحيد الذي افهمه من ظهوره هو بالذات انها التأكيد على مسألة التوريث وانه (ان كتب للنظام البقاء) سيكون الرئيس القادم خصوصا وقد عرض ذات الاصلاحات التي اقترحها قبل سنوات ورفضها الحرس القديم وفي مقدمتهم والده مما ادى لاعلانه الانسحاب من الحياة العامة.
اما مضمون الخطاب فقد تميز بالتهديد المباشر للشعب والاستخفاف بالمتظاهرين واختصارهم في انهم مجموعة من الاسلاميين والمعارضين في الخارج ومدمني المخدرات والبلطجية رغم ان كل الشواهد تدل بوضوح ان الثورات التي تجري حاليا فاجأت كل القوى السياسية التقليدية التي ما تزال تلهث للحاق بها وان الشباب العاطل الذي انسدت في وجهه كل السبل والافاق هو الذي نظمها دون اي تخطيط مسبق او تأثير من اي قوة كانت
كان سيف الاسلام متعجرفا لحد مدهش عندما خيـّر الناس بين النظام والحرب الاهلية. وان ليبيا مجموعة قبائل لن تستطيع ان تتعاون بين بعضها البعض وقدم نفسه بانه الضامن الوحيد لوحدة ليبيا. لقد نسي سيف الاسلام ان ليبيا هي التي انجبته ولم ينجب هو ليبيا وان والده عندما صعد الى الحكم فقد تسلمه عنوة من سلطة مركزية وان الحدود الحالية لم يخطها هو ولم يزد فيها بوصة واحدة
وبعدما انتهى من تهديد الليبيين اتجه الى الدول الغربية فحاول تخويفه بالحركات الاسلامية وقد اكتشفنا مجددا ان الاستبداديون كانوا وما زالوا يستخدمون هذا البعبع لاستمالة الغرب وكسب دعمه لهم. ولكن الحقيقة هي ان التيار الاسلامي لا يمثل الا جزءا من هذه الشعوب ولم يكن في يوم في الايام يمثل فيها الاغلبية اذا جرت انتخابات نزيهة وفي ظروف سياسية طبيعية.
واخيرا فان سيف الاسلام ورغم انتمائه الى الجيل الحديث اثبت انه لم يتعلم من تجربتي تونس ومصر واثبت ايضا مدى تشابه بل وتطابق عقلية الانظمة التي تحكم البلاد العربية بغض النظر عن اعمار مسؤوليها. لقد كان سقوطا مريعا في الامتحان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق