31 مارس، 2011، الساعة 12:42 صباحاً
استعمت الى خطاب الرئيس السوري قبل دقائق. خطاب طويل كالعادة ولكنه كالعادة ايضا لم يكن في مستوى الشجاعة المتناهية والدماء الغزيرة التي قدمها المتشوقون الى التغيير.
من البداية لم يعترف بانتفاضة الشعب وتضحياته الكبيرة بل وادانها فورا وسماها "فتنة" وكعادة كل النظم الشمولية في المنطقة لم يستطع ان يرى فيها سوى انها "مؤامرة كبرى". حاول التقليل من شأنها ولم يرى فيها سوى بضعة خدمات وزيادات في الاجور شأنه شأن كل النظم الاخرى التي تحاول الفكاك والهروب من رؤية الحقيقة وهي انها نظم انتهت صلاحيتها من وقت طويل وتحاول شراء ضمائر الشعوب بالفتات. الناس فعلا تطالب بتحسين حياتها ولكنها تطالب ايضا وقبل كل شىء بالحرية، وبدولة القانون، وانهاء الفساد، والمشاركة المفتوحة والمتساوية في الحياة العامة، وتطوير نظام الحكم الى نظام عصري متحضر يحترم المواطن في كرامته ومعاشه. وبكلمات اخرى فان الناس لا تريد الحكم البعثي الشمولي، القابض على الانفاس، وانما تريد حكما تعدديا يعبر عن جميع تكوينات المجتمع السوري، ولا تريد دولة القلة المكونة من العائلة والاقارب ومواليهم من المقربين، وانما تريد دولة القانون التي يتساوى فيها المواطنون، التي لا تحابي قريبا او مواليا او منتفعا، ولا تريد رئيسا متسلطا يتحول اي نقد له الى مساس بامن الدولة، وانما رئيسا منتخبا ومنضبطا في حدود سلطات يحددها دستور حقيقي وخاضع للمساءلة والمراقبة ولزمن معلوم، في اطار فصل واضح بين السلطات، ولا تريد برلمانا صوريا كاذبا لا يمثل الا نفسه ويطبل بحمد النظام ويختم باصابعه العشرة على اي قرار يقول به الرئيس دون نقاش وانما تريد برلمانا حقيقيا يدخله ممثلون حقيقيون منتخبون انتخابات حقيقية وصحيحة، ولا يريدون رئيسا يحوّل اسم سورية الى "سورية الاسد"، وانما يريدون سوريا ان تكون للجميع.
قفز الاسد عن القضايا الرئيسية التي طرحتها التظاهرات الاخيرة وسعى بوضوح الى الالتفاف عليها. اكثر من الحديث عن المؤامرات. لغة اعتدنا عليها لعقود ولكنا تعودنا ايضا انها كلام اجوف. ولم يسعفه تحليله غير الذكي فوقع في نفس الفخ الذي وقع فيه سابقوه بن علي وحسني مبارك والقذافي
قال:
قال:
المظاهرات مؤامرة كبرى
القرارات المجهولة التي تعهد بها دون تحديد زمن "جاهزة منذ عام 2005" وانه جاء اليوم فقط ليؤكد عليها وليس بسبب التظاهرات.
هاجم الاعلام كعادة جميع الشموليين الذين يعتبرون ان اعلامهم وحده الذي يقول الحقيقة بينما تعرف الشعوب انه الاعلام الوحيد الكاذب.
قال هناك 3 امور منفصلة. الفتنة والاصلاح وحاجات الناس اليومية. كيف دخلت كلمة "فتنة" في الموضوع فهذا ما يعلمه وحده ولكنه اكد بوضوح ان المظاهرات "ايجابية لو كنا نسيطر عليها". انه يريد مظاهرات من نفس النوع الذي رأيناه وهو يلقي خطابه. كان الحاضرون يتسابقون في القاء الشعر، وعبارات التأييد المزيف. كانت مهزلة من النفاق الذي يوازي ويعادل نزق القذافي وخشونته. اول مرة ارى واسمع برلمانا يتحول الى هتيفة و"سوق عكاظ" يتبادل فيها النواب الذين لا يمثلون سوى النظام الذي اتى بهم، الشعر والخطب التي تمجد الرئيس وهم يعلمون انه شخص عادي. تحول مجلس الشعب الى مجلس الشعراء.
ان اقصى ما قدمه الاسد في خطابه هو برنامج حزب البعث الحاكم واجندته، وهو بالضبط ما ثار عليها الناس. هذا يعني عمليا ان الرئيس السوري لن يستطيع ان يقدم على الاصلاح المطلوب ما يعني ان الازمة والاحتقان المتراكم سوف تستمر. ومع انطلاق عجلة التغيير في المنطقة فانه لن يجد فكاكا ومخرجا من تنفيذ مطلوبات هذا التغيير كاملة دون نقصان او عليه المغامرة بمستقبل النظام كله آجلا ام عاجلا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق