01 أبريل، 2011، الساعة 12:40 صباحاً
عدا عن التطورات المتلاحقة في الميدلن اصبحت التطورات السياسية لا تقل عنها سرعة. ومنذ الامس برز تطوران مهمان الاول الجدل حول تسليح الثوار الليبيين والثاني بداية التصدع في الحلقة الضيقة حول القذافي.
الجدل حول تسليح الثوار يجري على مستويين. الاول المستوى الدولي حول بات هناك خلاف حول تفسير قرار الامم المتحدة المنخذ ضد مظام القذافي. اذ بينما يقول البعض انه متعلق فقط بحماية المدنيين يقول آخرين انه يشمل ايضا تسليح الثوار. كذلك يدور جدل آخر حول ما اذا يهدف الى فرض منطقة حظر طيران فقط ام يذهب الى ازاحة نظام القذافي. ايا يكن الامر فان التطورات على الارض تفرض فعلا امرين احلاهما مر بالنسبة الى المجتمع الدولي. وهي اما ان يـُترك الثوار وحدهم في ظل اختلال كامل لميزان القوى بينهم وبين كتائب القذافي وتطول الحرب الى اجل غير مسمى مع مزيد من الضحايا والاختناق، واما الشروع في دعمهم ومساعدتهم وتسريع عملية ازالة النظام، لتمكين الشعب الذي ينتظره الكثير لاعادة ترتيب البيت الليبي من البداية، وضمان قيام دولة موحدة مستقرة تساهم في عملية التطوير الديمقراطي والتنموي في المنطقة كلها جنبا الى جنب مع النظامين الجديدين في تونس ومصر.
بالطبع فان تردد الغرب ومخاوفه امر مفهوم. فهو لا يريد ان يتعجل في تعاون مع مجموعة من الناس لا يعرفها جيدا وما تزال بالنسبة له جماعات مجهولة ويخشى ان يقع في فخ التعامل مع اناس ربما يكتشف مستقبلا انهم مصنفين اعداء، ولذلك فانه يأخذ كلام القذافي عن تورط القاعدة في القتال محمل الجد.
ويستشف من التقارير الصفحية ان الغرب ما زال مشغولا بقوة في البحث عن اجابات قاطعة عمن هم المقاتلين ومن اين اتوا ومن يمثلون. ويزيد الغموض قلة الخبرة وغياب الانضباط الى ما يصل الى حالة اقرب الى الفوضى وسط صفوفهم خصوصا وان العسكريين الليبيين المنشقين طالما اشتكوا من صعوبات جمة في التنسيق معهم ما يعني انهم الجزء المحترف ليست له سيطرة عليهم. كذلك يطرح الغربيون مخاوف كبيرة من ان يؤدي التسليح الى زيادة انتشار السلاح ووقوعه في ايدي لا علاقة لها بالثورة واهدافها المعلنة. بل وان تنحرف الامور اذا طالت الحرب وفي ظل عدم السيطرة عليهم الى انقساهم وتشرذمهم الى جماعات مسلحة تبدل وتغير اهدافها الى اهداف اخرى وتصبح عامل عدم استقرار في البلاد والمنطقة. وليس هناك شك ايضا في انهم ايضا ما زالوا يتقصوا كل صغيرة وكبيرة عن المجلس الوطني نفسه من حيث صدقية تمثيله للشعب، ومدى قدرته في السيطرة على الثوار ومجمل الاوضاع في المناطق التي يسيطر عليها.
ان من حق الغربيين ان يتحسسوا اماكن وضع اقدامهم لكنهم في المقابل عليهم ان يدركوا ايضا مدى حجم وتعقيد المهمة الملقاة على عتاق المجلس الوطني الانتقالي في ظروف مثل الظروف التي صنعها القذافي طيلة العقود الماضية. فمشكلة المجلس ومن ورائه الشعب الليبي كله ان نظام القذافي قد دمر بنية الدولة ومؤسساتها كما تعرفها البشرية في عصرنا الحالي، وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية الوطنية التي تحولت الى ميليشيات موزعة على ابنائه وباسمائهم. ولم يكتفي بذلك وحسب بل وسحق وقتل كل صوت معارض داخل البلاد ولاحق الكثيرين منهم خارجها واصبحت عبارة مجتمع مدني في ليبيا اشبه بالنكتة. وصدق القذافي حين قال ان ليبيا ليست تونس ولا مصر ولكن ليس فيما عناه هو وانما لانها فقدت مؤسساتها بسبب حكمه المجنون. في ظل هذا الوضع العجيب فان تكوين المجلس الوطني في حد ذاته يجب ان يعتبر معجزة، وسوف يكتب التاريخ انه القيادة الوحيدة في العالم التي يتعين عليها القيام بمهمتين في ظروف استثنائية، ازالة نظام لا يقارن بأي نظام من حيث القسوة والوحشية، وبناء الدولة من الصفر. حال المجلس الوطني حال من يطلب منه تغيير اطارات السيارة وهو يقود سيارة باقصى بسرعة. في هذا الوضع فان دعم المجلس الوطني بمختلف الطرق يبقى واجبا شرعيا وانسانيا واخلاقيا على كل من يؤمن بقيم الحرية والعدالة والتضامن الانساني ولا فرق في ذلك بين عربي او غير عربي. اعان الله المجلس الوطني والشعب الليبي في المهمة الصعبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق