بقي يوم وبضع يوم على عيد الاضحى المبارك. ومثلما هو الحال في كل عيد نفكر ونفكر ثم نفكر كيف نقضي هذه الشعيرة في هذه البلاد باكبر قدر ممكن مما تعودنا من تعاليم وتقاليد واصول. واول العوائق هم الدولة اليونانية واصحاب العمل الذين لا يعرفون ولا يعترفون ان عرفوا بان للاخرين عيد ضحية مثل عيدهم تماما الذي يسمونه "باسخا" او عيد الفصح. وينحرون فيه الخراف مثلما ننحر نحن تماما.
ومن سوء حظنا ان اعيادنا لا تأتي الا في ايام العمل الا استثناءات قليلة. ونتيجة لهذا السبب فان العيد عندنا ايا كان هو بعض يوم واحد يصارع المسلمون من اجله صراعا لانتزاعه اجازة غير رسمية من اصحاب العمل وهذا لا يشمل الجميع. ولان العيد هنا يوما واحدا فانه في الحقيقة وقت الصلاة فقط حيث تمثل الفرصة الوحيدة التي يلتقي فيها الناس. يحدث هذا رغم ان عدد الملسمين يناهز النصف مليون مسلما يونانيين ومهاجرين.
وبالطبع لا توجد ولا حتى مجرد اشارة الى العيد في جميع اجهزة الاعلام الهم الا اذا وقع حادث مؤسف في الاراضي المقدسة فعندئذ يمكن ان تقع عيناك على خبر لا يتجاوز العشرة ثواني. هذا في الحقيقة يمثل جزءا من الاجحاف بالحقوق الدينية لغير المسيحيين الارثوذوكس وبالذات المسلمين.
مع ذلك ومع اصرار البعض على قضاء العيد بما يجب فانهم يكابدون من اجل شراء الخروف وذبحه. ولما كان عسيرا توفيره بالطرق البسيطة فان عليهم ان يحضروا السيارات ويسافروا الى اماكن تبعد ساعة وساعتين الى اطراف اثينا وينحروا في نفس المكان حتى يتأكدوا ان الذبح تم على الاسس الاسلامية. لكن هذه المهمة تقضي على اغلب ساعات النهار فلا يعودون الا نحو الخامسة او السادسة مساء.
وبالطبع لا يمكن ان نحلم باللقاءات الجماعية الكبيرة التي تعودنا عليها في ديارنا. فلاغلبية تقيم في بيوت صغيرة، والمسفات بينها بعيدة. ولذا تكتفي الاغلبية بزيارة اقرب الاقربين من الاصدقاء وقد يجدوا قليلا من الوقت لتناول الطعام. اما البعض الاخر فلا يريد ان يبذل كل هذا الجهد فيكتفي بارسال نقود الى اهله في السودان ليشتروا الخروف ويذبح باسم العائلة هناك. البعض يجد هذا الاسلوب افضل مائة مرة من مكابدة السفر والحمل وتضييع الزمن. ولا شك ان اكبر "ضحايا" العيد هم الزوجات والاطفال. ولا يختلف الحال اذا كانت الزوجة عاملة ام ربة اسرة فقط. ولا اذكر قط ان رأيت عائلة اخذت اطفالها لمكان ترويح مثلا، اللهم الا ان يرافقوا والديهم لزيارة ما او يستقبلوا زائرا غالبا ما تعودوا على رؤيته خلال الايام العادية اما بحكم الجيرة او صداقة الاسرة. ومن جهة اخرى انعكست كل هذه العوائق على التفكير في العمل الاجتماعي الجماعي ونتج عنها ضعف شديد او غياب كامل لوجود الجاليات اللهم الا اسماء لجان تنفيذية او ادارية.
العيد هذه المرة سيقع يوم الاثنين اي بعد عطلة نهاية الاسبوع مباشرة. ولانه سيقع اول الاسبوع فسوف نرى الهرولة من مكان لاخر لتغطية كل واجبات العيد في اقل من 12 ساعة ونعود الى بيوتنا مرهقين اشد الارهاق استعدادا ليوم عمل مرهق عادي.
على اي حال كل عام وانتم بخير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق